كل عناصر التوتير في متناول قوى الاشتباك الداخلي، والسباق محموم في ما بينها على إبراز أنيابها لبعضها البعض، وإشاعة أحقادها في الأرجاء اللبنانية، والاستثمار عليها على حساب وطن وشعب.
وسط هذه الأجواء المشحونة والجبهات المفتوحة على الصدام، قد يكون من الصعوبة، لا بل من السذاجة بناء تقييم دقيق لما حصل، أو الوصول الى إجابات محدّدة وواضحة وصادقة عن حقيقة ما يجري، او تقدير حجم التداعيات والتأثيرات على الواقع اللبناني المترجرج، من الاقتصاد، إلى السياسة، إلى القضاء، ليس ما يؤشر الى انفراجات، بل كلّها صواعق تنذر بتداعيات خطيرة، مع الاستنفار السياسي والطائفي المعلن على ضفافها، تصاحبها أسئلة منثورة في فضاء البلد، تحاول البحث عن دوافع رفع الجدران على كل الخطوط الداخلية، وأهداف هذا التوتير الضارب على كل المستويات وبين كل المراجع والمقامات، وعن المصير الذي يُساق اليه الواقع الداخلي المنحدر أصلاً إلى ذروة التخلّع والإهتزاز؟
«الوضع مفتوح»
المشهد العام، وفق التقييم الديبلوماسي «قاتم ومفتوح، والوقائع المتسارعة في لبنان مقلقة، وتشي بأنّ وضع هذا البلد بات يقترب من أن يصبح ميؤوساً منه». وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، فانّ كلاماً بهذا المعنى أُبلغ إلى مراجع سياسية وحكومية في الأيام الأخيرة، استبق ما حُكي عن توقعات سلبية لما ستؤول اليه التطورات المرتقبة خلال هذا الاسبوع، وخصوصاً ما يتصل بالانتخابات والتحقيقات.
وأبلغت مصادر موثوقة الى «الجمهورية» قولها، إنّ تطوّرات الوضع خلقت ما يمكن وصفها بـ«خليّة أزمة ديبلوماسيّة» لمواكبة الوضع الناشئ في لبنان، وتقييم التوتر السياسي الذي تفاقم في الآونة الأخيرة حول اكثر من عنوان. وبحسب المعلومات فإنّ الأجواء الديبلوماسيّة تعتريها خشية واضحة من أن تؤثر تفاعلات الاشتباك السياسي على مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، واكثر من ذلك ان تهدّد إجراء الانتخابات النيابيّة.
وعلمت «الجمهورية»، انّ الحركة الديبلوماسية شهدت في اليومين الماضيين تزخيماً على أكثر من خط سياسي ونيابي. وكشفت مصادر موثوقة عن رسالة أوروبيّة وردت الى مراجع مسؤولة فحواها «انّ اصدقاء لبنان باتوا يعتبرون أنّ الوضع في هذا البلد لا يبعث الى الاطمئنان، وعلى المسؤولين تحمّل مسؤولياتهم لتدارك المنزلقات الخطيرة، ونشجعهم على بذل المساعي وسلوك السّبل التي تؤدي الى مخارج للأزمة التي يعانيها الشعب اللبناني».
دعم اوروبي للحكومة
واكّدت الرسالة على «الدعم الكامل للحكومة، مع التأكيد على مسارعتها في إجراء الإصلاحات المطلوبة»، معبرّة في الوقت نفسه عن «استغرابها لتعطّل العمل الحكومي الذي من شأنه أن يضرّ بمصلحة الشعب اللبناني، في الوقت الذي يعاني فيه لبنان مصاعب كبرى على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي»، ومؤكّدة «أنّ على جميع اللبنانيّين واجب الحفاظ على المؤسّسات في لبنان وفي مقدّمها الحكومة. حيث انّ مصلحة لبنان في استمرار العمل الحكومي في مواجهة الكثير من التحدّيات والصعوبات». ومشدّدة على ضرورة ان يتجنّب المسؤولون اللبنانيون أيّ أمر يؤدي إلى توقّف عمل الحكومة أو تعطيلها، وكذلك أي امر يعيق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ويحول دون إظهار الحقيقة امام الشعب اللبناني ومحاسبة المتورطين».
ميقاتي والكاظمي
توازياً، قالت مصادر رئيس الحكومة لـ«الجمهورية» انه مرتاح جدا لزيارته الى العراق وانه يتوسم منها ان تكون مدخلا لتعزيز علاقات لبنان العربية على كل المستويات وفي مختلف المجالات.
واكدت هذه المصادر ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان متجاوبا مع كل ما طرحه مع الرئيس ميقاتي لتعزيز العلاقات الثنائية واكد انه سيتخذ كل الخطوات التي من شأنها مساعدة الحكومة والشعب اللبناني على تخطي الازمة الصعبة التي يمران بها، ولمس ميقاتي لديه حماسة كبيرة لدفع العلاقات الثنائية قدما على مختلف المجالات فضلا عن تعزيز وتطوير المساعدة العراقية للبنان في مجال الكهرباء الى حين معالجة الازمة الكبيرة التي يعاني منها هذا القطاع منذ عشرات السنين.
ولفتت مصادر مطلعة الى ان ميقاتي يعمل بدأب لتأمين تغذية بالتيار الكهربائي بمقدار ١٥ ساعة من ٢٤ ساعة من الان وحتى نهاية السنة بما يخفف على اللبنانيين اعباء كبيرة يتكبدونها يوميا في مجال الطاقة الكهربائية فضلا عن ان مثل هذه الخطوة من شأنها ان تضخ الحياة في الدورة الاقتصادية في مختلف القطاعات الانتاجية.
النوافذ مقفلة
وفي موازاة قلق الاصدقاء على لبنان، تبدو الصورة الداخلية أكثر قلقاً، حيث أكّدت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، أنّ «الجوّ السائد في هذه الايام، يشي بأنّ كلّ نوافذ الأمل مقفلة، مع السلوك المتّبع الذي تتناسل منه الأزمات والتوترات حول كلّ شيء، وترك البلد اسيراً لأحقاد تخاطب بعضها البعض».
وبحسب مصادر حقوقية ومدنيّة، فإنّ المشهد السياسي العام يعكس الإمعان في الجريمة بحق الشعب اللبناني. وقالت لـ«الجمهورية»: «لم يخطئ الشعب اللبناني عندما ثار في وجه المتلاعبين بمصيره، وخصوصاً انّهم ماضون في هذا المنحى، وفي إثبات بُعدهم عن وجع الناس، وتأكيد الاعتلالات الخطيرة التي تضرب العقل السياسي المتحكّم، الذي تجاهل أزمة تهدّد مصير شعب كامل، وأمعن في تغليب إرادة الاشتباك وتعميق الإنقسام والرغبة في الانتقام، وجعل الأحقاد المتفجّرة والمتنامية بشكل مريع، ناراً مشتعلة تحت الرماد، ينذر غليانها وفورانها بتبخّر البلد».
واكّدت المصادر «انّ هذا المنحى بات يتطلّب هبّة شعبيّة لمواجهته، فالإنكفاء عن هذه المواجهة بمثابة شراكة لهؤلاء في هدم الأسس التي يقوم عليها لبنان، وعلى سياسة الإفقار التي جوّعت كل اللبنانيين»، وقالت، انّ «على الشعب اللبناني ان يدرك انّ الخطر صار داهماً، وما أشبه هذه الأيام، بتلك الحقبة التي نُكب فيها لبنان في الماضي، والتي يبدو جلياً أنّ أحداً لم يتّعظ منها، أو يأخذ العبرة من دروسها القاتلة؛ في زمن الحرب، تشارك أمراؤها في ورشة تدمير البلد وتخريبه، وفي الزمن الحالي، يبدو انّ تلك الشراكة تجدّدت بين أمراء الزمن السياسي الرديء، لاستئناف تلك الورشة تحت عناوين مهترئة وشعارات أكلها العفن، تدّعي الحرص على لبنان واللبنانيين، فيما أصحابها مضبوطون بالجرم المشهود، وهم يأخذون البلد رهينة لمصالحهم وحساباتهمم السياسية والحزبية».
قطوع الانتخابات
إلى ذلك، وفيما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقوم بزيارة الى العراق، في مبادرة وصفت بأنّها تعويضية عن العمل الحكومي المعطّل، كانت الاستعدادات السياسية على اشدّها لمواجهة استحقاقات الاسبوع الجاري، وفي مقدّمها الملف الانتخابي، الذي أُدرج بنداً اساسياً في الجلسة التشريعية التي حدّدها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد غد الخميس، لدرس القانون الانتخابي وفق ما ردّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والذي سيكون اليوم البند الوحيد على مائدة جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي ستحدّد المسار الذي سيسلكه الردّ في الجلسة التشريعية الخميس.
وقالت مصادر نيابية لـ«الجمهورية»، إنّ الجو النيابي العام منقسم حيال ردّ رئيس الجمهورية للقانون الانتخابي بالتعديلات التي تضمنّته. وتوقعت ان تكون جلسة اللجان حلبة نقاش ساخن بين الطرفين، تصعب من خلاله بلوغ قواسم مشتركة، وخصوصاً انّ الردّ استند فقط الى الاعتراضات التي أبداها «التيار الوطني الحر»، ما يعني انّه ردّ سياسي لا أكثر. ومن هنا، تضيف المصادر، انّ غالبية الكتل النيابية التي ايّدت تعديلات القانون في جلسة الثلاثاء الماضي، لن تسلّم بـ»الردّ السياسي» للقانون، ولن تماشي «التيار الوطني الحر» في ما يقبله او لا يقبله. فضلاً عن انّ هذا الردّ، سيفتح بازاراً واسعاً، بحيث قد لا تقف دراسة الردّ عند حدوده، بل قد تتعداه الى محاولة طرح تعديلات جوهرية، مثل التأكيد على الكوتا النسائية. وليس مستبعداً في هذه الحالة ان تؤكّد بعض الجهات النيابية على اقتراح تخفيض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة، برغم انّ هذا الاقتراح ينطوي على تعديل دستوري، وقد لا تتوفر حوله اكثرية الثلثين لإقراره.
وكان هذا الامر، محل بحث في اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي الذي انعقد في عين التينة برئاسة الرئيس بري، حيث قال نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي: «كانت هناك مناقشة لبعض الأمور التي تتناول جلسة اللجان المشتركة، على ان يُصار الى إنعقاد الجلسة العامة يوم الخميس لإقرار كل جدول الأعمال، بما فيه قانون الإنتخاب الذي سيتمّ الإتفاق على دراسة ردّ فخامة الرئيس في جلسة اللجان».
ورداً على سؤال قال الفرزلي: «كما نعلم جميعاً أنّ فخامة الرئيس من حقه الدستوري أن يردّ القوانين. وهذا موضوع غير قابل للنقاش إطلاقاً. أما الحديث عن تسويات فلم يرد إطلاقاً، أقله مع دولة الرئيس بري ولا معي شخصياً، إلّا اذا كانت هناك آراء عند النواب يحاولون الإدلاء بها في الجلسة، وهذا حق من حقوقهم، والقضية التي ستنال أكثرية الأصوات المطلوبة هي التي ستكون».
وعن تلويح «التيار الوطني الحر بتقديم طعن لدى المجلس الدستوري، قال الفرزلي: «ما أتمناه هو الّا يصار الى الطعن بعد جلسة الغد، لأنّها ستكون بوجود «التيار الوطني الحر» وكافة القوى السياسية والكتل البرلمانية».
الطيونة
على انّ الملفين الأكثر سخونة هذا الاسبوع، يتمثل الأول بالتحقيقات حول أحداث الطيونة، والثاني بالتحقيقات حول مرفأ بيروت والجلسات المحدّدة الخميس لرئيس الحكومة السابق حسان دياب والجمعة للنائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق.
البارز في الملف الأول هو استدعاء مخابرات الجيش لرئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع للاستماع الى افادته في أحداث الطيونة، بالتزامن مع ادّعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، على 68 شخصاً في أحداث الطيونة بينهم 18 موقوفاً، بجرائم القتل ومحاولة القتل وإثارة الفتنة الطائفية والتحريض وحيازة أسلحة حربية غير مرخّصة، والتخريب في ممتلكات عامة وخاصة، وأحال الموقوفين مع الملف على قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة القاضي فادي صوان.
تسريب ؟!
الى ذلك، كشفت مصادر موثوق بها لـ«الجمهورية»، انّ خبر استدعاء جعجع تمّ تسريبه بطريقة مشوهة، وكأنّ مخابرات الجيش هي التي تقف خلف استدعائه، فيما انّ الحقيقة هي انّ القاضي المعني هو الذي قرّر الاستماع الى جعجع وكلّف مديرية المخابرات باستدعائه يوم الخميس الماضي.
اضافت المصادر، انّ النيابة العامة التمييزية طلبت بعد ذلك التريث في تنفيذ الامر مدة ثلاثة ايام، إفساحاً في المجال لإيجاد سبل قانونية اخرى لمعالجة المسألة. غير انّ القاضي المعني عاد وطلب من مديرية المخابرات تحريك الاستدعاء، فاضطرت المديرية في نهاية الامر الى تطبيق القانون وتنفيذ امر القاضي.
ورأت المصادر، انّ هناك من يريد ان يزج الجيش في هذه المعمعة. كما انّ هناك من يريد ان يأتي تقرير التحقيقات في جريمة الطيونة لصالحه، فيما يسعى الجيش الى ان تكون التحقيقات موضوعية ومبنية على الوقائع والقرائن وشفافة، وان يكون على مسافة واحدة من كل القوى السياسية.
وختمت المصادر، انّ التسريبات بإظهار الجيش وكأنّه يقف خلف استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» مشبوهة، والحقيقة انّ الجيش ينفّذ قراراً قضائياً لا اكثر ولا اقل.
القوات
ولاحظَت «القوات اللبنانية» أنّ مفوض الحكومة عقيقي طلبَ الاستماع الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بصفة شاهد قبل ان تختم مديرية المخابرات التحقيق، فعلامَ استند؟
ولفتت الى أنه بعد ان تحوّل الملف الى صوان كمحقق عسكري، ظل عقيقي مصراً على طلب الاستدعاء في وقت لم يعد هو المسؤول عن هذا الملف فلماذا هذا الاصرار؟ والأهم هو وسائل الاعلام التابعة لـ«حزب الله» والاعلاميين الذين يدورون في فلكه، فعند هؤلاء تفسير خاص للقوانين في محاولة لفرض المسار القانوني الذي من الواجب على القضاء اتخاذه.
وقالت إنّ السؤال الكبير الذي تطرحه القوات اللبنانية: كل الفرقاء كانوا مشاركين في غزوة عين الرمانة - الطيونة، وهَبّ اهالي عين الرمانة للدفاع عن انفسهم وكان من ضمنهم عناصر من القوات اللبنانية، بينما الطرف الآخر كانت معروفة انتماءاتهم وعلناً وكانوا ينتمون الى «حزب الله» وحركة «أمل»، فلماذا لا يتم الا استدعاء القوات اللبنانية والاهالي الذين تم الاعتداء عليهم وسؤالهم عن هذا الملف فيما لم يتم استدعاء المُعتدين؟
والأهم في موقف القوات اللبنانية، هو ان لا احد يراهن لا اليوم ولا غداً ولا في المستقبل على ان يضع القوات اللبنانية في وجه الجيش اللبناني لأن القوات لطالما كانت مع فرض القوانين والعدالة.
التحقيق العدلي
في هذا الوقت، برز تطوّر قضائي لافت، إذ أكد مجلس القضاء الأعلى على «إنجاز التحقيق في انفجار المرفأ في اسرع وقت ممكن وفق الاصول القانونية وتوصلاً الى تحقيق العدالة وتحديد المسؤوليات».
وجاء ذلك في بيان بعد اجتماع عقده المجلس أمس، وشارك فيه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وفيه: «بناء على دعوة مجلس القضاء الاعلى في جلسته المنعقدة بتاريخ 21/10/2021، وسنداً لأحكام المادة الرابعة من قانون القضاء العدلي (المرسوم الاشتراعي الرقم 150 / 1983) التي تنص على ما يلي: «يسهر مجلس القضاء الاعلى على حسن سير القضاء وعلى كرامته واستقلاله وحسن سير العمل في المحاكم ويتخذ القرارات اللازمة بهذا الشأن»، حضرَ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بتاريخ 25/10/2021، وتمّ الاستماع اليه والتداول معه بما هو مُثار بشأن ملف انفجار مرفأ بيروت، وتمّ التشديد من قبل المجلس على العمل على إنجاز التحقيق بأسرع وقت ممكن، وفق الاصول القانونية، وذلك توصّلاً إلى تحقيق العدالة وتحديد المسؤوليات بحقّ المرتكبين، وفق ما ورد في بيان مجلس القضاء الأعلى تاريخ 5/8/2020».
مخاطبة المجلس مجدداً
واللافت للانتباه في هذا السياق، مبادرة وزير العدل الى مراسلة مجلس النواب بكتاب أشار فيه الى «إصرار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار المتابعة في ملاحقة الوزراء السابقين والنواب الحاليين استناداً الى المادة 97 من النظام الداخلي لمجلس النواب».
وعلمت «الجمهورية» ان المجلس النيابي ردّ طلب وزير العدل، وبالاصرار هذه المرّة على ما مفاده بـ«أن المجلس سبق له ان ابلغكم انّ هذا التحقيق ليس من اختصاص التحقيق العدلي، بل هو من اختصاص المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
حسن خليل
وقال النائب علي حسن خليل ان طريقة تعامل المحقق العدلي تجاوزت النصوص الدستورية، مشيراً إلى أن البيطار خالف نصوص المواد 70 و71 و80 من الدستور اللبناني التي تنص على أن الإدعاء على الوزراء والرؤساء ومحاكمتهم يتم عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ولفت خليل الى أن عدم حضوره جلسات التحقيق أمام القاضي العدلي لا يتعلق بالتهرب من المسؤولية حول انفجار المرفأ، بل يتعلق بمسألة تنازع الصلاحيات. واعلن أنه مستعد للخضوع لكل التحقيقات إذا كانت هناك مسؤولية تقع عليه أثناء عمله كوزير للمالية من منطلق ولايته على قطاع الجمارك في لبنان، شرط أن تكون ضمن الأصول القانونية والدستورية، بحسب تعبيره.
جعجع
واعتبرت النائب ستريدا جعجع انّ «ما نشهده في الآونة الأخيرة من هجوم ضارٍ على حزب «القوّات اللبنانيّة» ليس محض صدفة ابداً وليس وليد لحظته. وإنما هو مرحلة جديدة من مراحل محاولة حصار واحتواء «القوّات اللبنانية» من قبل أعداء مشروع الوطن الحر السيد المستقل»، مضيفة «حاولوا بشتى الطرق النيل من «القوّات اللبنانيّة»، ولم يتوانوا عن استعمال أي وسيلة كانت، من محاولة محاصرتها سياسياً، إلى محاولة اغتيال رئيسها سمير جعجع في العام 2012، إلى محاولة شيطنة صورتها زوراً وكذباً وبهتاناً، وصولاً إلى يومنا هذا عن طريق بعض المراجع القضائيّة».
واعتبرت جعجع في بيان «انهم عبر هذه المراجع يحاولون تدفيعنا كحزب سياسي وخصوصاً رئيسنا سمير جعجع ثمن عنادنا وصلابتنا وصمودنا ورسوخنا سياسياً في وجه مشاريعهم، وثمن مواقفنا السياديّة والوطنيّة ورفضنا المهادنة أبداً تحت أي ذريعة أو مسوّغ، وثمن نضالنا المستمر في سبيل الجمهوريّة القويّة، ودفاعنا المستميت عن الحريات العامة والأحرار في هذه البلاد، وثمن وقوفنا إلى جانب الحقيقة والعدالة، وإلى جانب أهلنا في بيروت الذين ارتُكِب بحقّهم أكبر مجزرة في تاريخ لبنان وهي انفجار المرفأ».
وسألت: «لماذا هذا الكلام اليوم بالذات؟ لأنه بعد أن أبلغ رئيسنا سمير جعجع لصقاً طلب استدعائه للحضور كمستمع إليه إلى فرع التحقيق في مديريّة المخابرات، أصبح من المؤكد أن هناك صيفاً وشتاءً في هذا الملف وأن هناك من يريد استتباع بعض المراجع القضائيّة للضغط علينا باعتبار أنه من غير المنطقي استدعاء المعتدى عليه في حين ان المعتدي بمنأى عن مجرّد الإستماع إليه. لذا، أؤكّد في هذا الإطار أن أي نوع من أنواع الضغوط لن يثنينا أبداً عن الإستمرار في مسيرتنا النضاليّة في سبيل لبنان».
«أمل»
الى ذلك، دعت حركة «امل» الى «إحقاق الحق»، مشددة على «ضرورة استكمال التحقيقات في مجزرة الطيونة ومحاسبة المجرمين ومنع تمييع القضية وهدر دماء الشهداء والجرحى مرة جديدة».
وسألت في بيان لمكتبها السياسي أمس: «لماذا عندما تكون التحقيقات بجريمة تسير بشكلها الطبيعي والقانوني يرفض من يُستدعى إلى التحقيق؟ وعندما تتجاوز التحقيقات الدستور والقوانين يبدأ التنظير، كما يحدث في جريمة المرفأ التي يُصر المحقق العدلي على الإستمرار في مخالفاته وارتكاباته الدستورية والقانونية من دون رادع ولا حسيب ولا رقيب، بل بكيدية وإستنسابية وإنتقائية مفضوحة ومكشوفة، ويصرّ المكتب على أن المطلوب عدم إضاعة حق الشهداء والجرحى وعوائلهم ولا تضييع بوصلة العدالة للوصول إلى الحقيقة».
أضاف البيان: «مع تفاقم الأزمات المعيشية والإقتصادية والتربوية التي تضغط بثقلها على كاهل المواطن اللبناني في أبسط مقومات عيشه الكريم، اكدت «أمل» ضرورة تفعيل الحلول للخروج من المآزق المتكاثرة وخصوصاً لجهة منع الانزلاق نحو مزيد من المخاطر التي تتهدد اللبنانيين». واستغربت التأخر والمماطلة في إقرار البطاقة التمويلية، داعية الى «ضرورة الإسراع في إنجازها»، كما طرحت علامات استفهام حول ترك لبنان مكشوفاً عبر منصة (Impact)، التابعة للتفتيش المركزي من دون ضوابط تمنع تسليم «داتا» المعلومات الى جهات أجنبية». كما تساءلت «عن أسباب المماطلة والتأخير في إقرار مناقصة الكهرباء التي تشكل عصب الإقتصاد للمؤسسات الإنتاجية وللمواطنين عموماً، وأين أصبحت خطة إنشاء معملين للطاقة الكهربائية للإسهام في حل هذه الازمة المستمرة بشكل غير مقبول؟».
جهنم مكتمل الأوصاف
حياتياً، يبدو الوضع الاجتماعي والمعيشي على فوهة بركان، وتبدو الدولة بمؤسساتها وكأنها في مرحلة ضمور، تمهيداً للزوال. الموظفون في القطاع العام يداومون يوما واحدا في الاسبوع، اذا داوموا. الموظفون في القطاع الخاص في حال يُرثى لها، ومؤسساتهم ليست افضل حالا من حالتهم. طوابير البنزين عادت للظهور رغم ارتفاع سعر الصفيحة الى ما دون قدرة المواطن الموعود باستمرار ارتفاع اسعار المحروقات الى مستويات تقارب الـ400 الف ليرة للصفيحة. انه مشهد جهنم مكتمل الاوصاف.
في هذا الجو القاتم، تتحرك الحكومة العرجاء في محاولة لتنفيذ اجراءات الحد الأدنى لضمان عدم حصول الانفجار. وفي هذا السياق، يكمن إدراج عودة اجتماعات لجنة المؤشر الى الاجتماع في محاولة للتوافق على رفع الحد الأدنى للاجور، وتصحيح الاجور، وتعديل بدل النقل في القطاعين العام والخاص.
ومن خلال المعلومات، والمواقف المعلنة للاطراف المعنية، هناك قناعة بضرورة تعديل الاجور بالحد الأدنى المتاح، لضمان صمود المواطن في هذه الحقبة، مع ضمان عدم تهديد استمرارية المؤسسات، لئلا يرتفع عدد العاطلين عن العمل بنسب كبيرة، حيث لا ينفع رفع الأجر، لمواطن لا يتقاضى أجراً في الاساس. كذلك تتم دراسة وضع سوق الصرف، لئلا يتحول تصحيح الاجور الى عملية انخفاضٍ لقيمة الليرة بصورة دراماتيكية، تعيد الامور الى نقطة الصفر بالنسبة الى الموظف في وقت قياسي. والمشكلة هنا، ان ارتفاع الدولار بسرعة سيقضي بالكامل على طبقة العاطلين عن العمل، وقد اصبح عديدها لا يستهان به.
من هنا، يؤكد خبراء الاقتصاد ضرورة درس الخطوات بعناية لضمان وجود نوع من التوازن المعقول بين رفع مستوى القدرة الشرائية للمواطن، وحماية المؤسسات وعدم المجازفة بانهيار سريع لسعر صرف الليرة. ضمن هذه المعادلة الصعبة، الثلاثية الابعاد، تجتمع لجنة المؤشر غدا الاربعاء، لبدء النقاش حول مستقبل الاجور، وهو نقاش معقد قد لا يُحسم في وقت قصير. وعلى المواطن الاستعداد لشد الأحزمة اكثر، ولمرحلة صعبة جدا، لا يُحسد عليها اللبناني في المرحلة التي تسبق الانتخابات.